منذ فجر التاريخ، وسعى الإنسان في حياته البدائية إلى حماية قدمه من قسوة الطبيعة وتطورت استخداماته في صناعتها من أوراق الشجر والجلود والملابس وغيرها.
ومع هذا التطور في الصناعة تطورت أيضا أهداف تلك الأحذية والنعال، لكن السؤال المهم الآن كيف وصل الحذاء إلينا وما هو تاريخ الأحذية وتطور الأحذية؟ هذا ما سنعرفه في السطور القادمة
الحذاء دليل على مرتديه حيث يمكن أن يدلنا شكل الحذاء وتصميمه على مكانة الشخص الاجتماعية ووضعيته المادية، وذوقه ومواكبته أو عدم مواكبته للموضة.
لكن هذا المفهوم ليس حديثًا بالعكس فإن جذور ظهور هذا المفهوم ترجع لأيام الفراعنة والمصريين القدماء.
أحذية الفراعنة – تاريخ الأحذية
بدأ تاريخ الأحذية في مصر منذ أيام الفراعنة والدليل على ذلك هو ظهور المصريين القدماء على جداريات المعابد والمقابر وهم يرتدون النعال.
ومن أمثلة ذلك صندل الملك نارمر (نعرمر) أو مينا موحد القطرين كما نعرفه والذي ذكره الباحث الهولندي خبير الأحذية الأثرية “أندريه فيلدميير” حيث ظهر الملك نارمر فيها منذ 3000 عام قبل الميلاد وهو حافيا وفي الخلفية أحد الخدم يمسك بالصندل الخاص به.
ومن هنا استدل فالديميير على أن الصندل كان له قيمة رمزية عالية وقد اقتصر ارتداؤه على الطبقة العليا من المجتمع.
فكلما كانت الأحذية مزينة بشكل أكثر وأكبر، كلما ارتداها الأغنياء تعبيرًا عن طبقتهم المجتمعية من خلال أحذيتهم، وكان الهدف من الأحذية في هذه الفترة ليس فقط لحماية القدم لكن كان له دلالة مجتمعية طبقية ووظيفية.
أحذية العامة – تاريخ الأحذية
حيث كانت تختلف أحذية الجنود والفلاحين وعامة الناس والحاشية عن أحذية علية القوم والملوك.
فكما توضح الصورة بالأسفل الفرق بين صندل بسيط التصميم مفتوح من الأمام لشخص من العامة وصندل بإصبع طويل معقوف ويكون عادة لشخص من الملوك أو الأمراء أوالكهنة.
وكشفت العديد من التماثيل القديمة والرسومات عن هذا الاختلاف. ومثال على ذلك هو تمثال من الحجر الجيري لملون لخادم يحمل حقيبة في يده اليسرى وصندل في يده اليمنى.
وتنوعت الأحذية في مصر القديمة بين الأحذية البسيطة المفتوحة الغير مزينة، والأحذية الأنيقة المغلقة المزينة بالخرز والرسوم النباتية، وتطور التزيين إلى الذهب والأحجار الكريمة في مطلع عصور الدولة الوسطى.
خامات صنع الأحذية
وقد كانت الأحذية تصنع من الألياف النباتية مثل سعف النخيل والحلاف وأوراق البردي والكتان أحيانا، وتطورت صناعتها إلى استخدام الجلود والمعادن لاحقا.
بينما كانت تصنع بعض الأحذية من الخشب والجلود معا، أو عناصر كرتونية يتم ضغطها لتمنح الصندل متانة وصلابة، والصورة بالأسفل توضح صانع للصنادل بمصر القديمة.
بالإضافة إلى الصنادل والأحذية النوبية المغلقة التي تميزت بكثرة الزينة وكثرة الأربطة التي تميزت بها عن أحذية سكان شمال مصر.
لم تختلف أحذية النساء عن الرجال كثيرًا بل كان الفرق الوحيد هو المقاسات، بينما لم يكن هناك أحذية مخصصة للأطفال حيث لم يعرفها العالم قبل القرن العشرين، لكن كانت أحذية الأطفال مجرد صورة مصغرة من الأحذية الأصلية للكبار.
الصندل الذهبي – تاريخ الأحذية
ولأن الأحذية اعتبرت قديما كرمز للقوة فكان الصندل الذهبي الشهير اتجاها سائدا لعدة قرون حيث كان صلبا بخامته ومرتفعا. لكن نظرا لصلابته وصعوبة ارتداؤه حيث كان يسبب الألم بالقدم اتجه الفراعنة لتطوير أنواع أخرى من الأحذية.
وقد ازدادت أعداد الناس التي ترتدي أحذية مع ظهور الدولة الحديثة حتى أن الملك توت عنخ آمون قد دفن معه 30 حذاءًا وصندلًا. وقد كانت أحذية توت عنخ آمون مثالا فريدا على الأحذية الملكية وقيمتها الرمزية، ومن أمثلة هذه الأحذية هو حذاء مصنوع من الخشب، ومزين باللحاء والجلد وأوراق الذهب.
وقد ذكرت إحدى البرديات ما يقارب 33300 صندل كدليل على أعداد الصنادل الكبيرة التي كانت تطلبها المعابد حيث كان الكهنة والجيش من كبار المشترين للصنادل.
الحذاء المغلق – تاريخ الأحذية
و عرف المصريون الحذاء المغلق الذي اكن يصنع من الجلد باللونين الأحمر والأخضر مع نهاية الدولة الحديثة، لكن لم تكن دباغة الجلود معروفة عند الفراعنة بل كانوا يدهنون الأحذية بالزيت وقد ساعدتهم حرارة المناخ وجفافه على ذلك، بجانب الصنادل فقد ذكرت كثير من المواقع والمدونات التاريخية العالمية أن مصر القديمة كانت ميلادًا لما نعرفه اليوم بـ “الشبشب”.
فإن المصريين القدماء قد أظهروا مهارات عالية في صناعة الأحذية لدرجة أن البعض منها يشبه كثيرا من التصميمات الأحذية في يومنا هذا، وقد اتجه بالفعل العديد من مصممي الأحذية والأكسسوارات والملابس العالميين لتصميمات أحذية وملابس مستوحاة من أحذية وملابس الفراعنة والمصريين القدماء.
وقد كان أقربها التي صممها الراحل “كارل جارفيلد” وقد كان مصمما شهيرا لماركة “شانيل” حيث قام بتصميم كعب حذاء ذهبي مستوحى تماما من الصنادل الذهبية المشهورة وبعضها من الخاصة بـ “كليوباترا” في مصر القديمة بالإضافة إلى مجموعة أحذية ذهبية تعتمد في تصميمها تماما على الطابع المصري الفرعوني القديم.
وفي النهاية فإن ما نملكه اليوم من أحذية حديثة بداية من الشباشب والصنادل إلى الأحذية المغلقة والمفتوحة أو مغطاة الجانب المزينة منها أو السادة أو حتى التي بها أربطة تعود جذورها ومبادئها ومهاراتها وتصميمها بشكل كبير إلى أجدادنا من المصريين القدماء.
ويمكنك رؤية تشكيلة من أحذية “ريموندا” المصرية الحديثة.